د. سماح عزب تكتب : حقيقة النقص
المفهوم الخاطئ لا اعتبار لرأى المرأة فهى غير مؤهلة للتعليم والمشاركة فى الحياة العامة لأنها ناقصة فى العقل والدين, واستدل أصحاب هذا القول بقوله تعالى ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ) سورة البقرة جزء من الآية 282, والحديث الذى فى نصه أن النساء ناقصات عقل ودين .
الحقيقة : الحديث الذى ذكر فيه أن النساء ( ناقصات عقل ودين) منتهى التكريم للمرأة وهو فى أعلى درجات الصحة, ولا يدل على التقليل من شأن المرأة كما يقول البعض الذين يجتزءون النص ( يذكروا بعض الكلام ويسكتوا عن الباقى فلا يظهر المعنى الصحيح )
نص الحديث هو عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ»، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا» صحيح البخارى باب ترك الحائض للصوم .
وجه التكريم : يظهر من قوله ( مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنّ ), والمعنى كما قال علماء الحديث ومنهم الإمام العينى أحد شراح صحيح البخارى قال فَإِن قلت: أَلَيْسَ ذَلِك ذماً لَهُنَّ؟ قلت: لَا وَإِنَّمَا هُوَ على معنى التَّعَجُّب بأنهن مَعَ اتصافهن بِهَذِهِ الْحَالة يفعلن بِالرجلِ الحازم كَذَا وَكَذَا .
والمقصود أن من النساء من تغلب الرجال الذين يتمتعون بالعقل الراجح المستنير وهذا بيان لمدى الذكاء وسعة الأفق نقصان العقل والدين يدل على الطبيعة وليس الإهانة
التصريح بنقصان العقل الذى هو أنها فى الشهادة نصف الرجل كما أخبرت الآية هو لأجل التذكر وعدم النسيان وليس لأنها أقل فى التفكير والقدرات العقلية, ويؤكد ذلك أن الخطاب فى آيات القرآن شمل الرجل والمرأة بلفظ ( يا أيها الذين ءامنوا ) فى الأحكام التى يشتركان فيها المساواة فى التكاليف الشرعية قال تعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ), والمساواة فى العقاب قال تعالى ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ) .
و ضرب المثل بالمرأة كنموذج للإيمان قال تعالى ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ), وأما نقصان الدين فالمراد أن الصلاة المفروضة عليها أقل من المفروضة على الرجال بسبب وجود الحيض فى بعض الأيام وليس المراد أن ثوابها والتزامها بما أمر به الله أقل من التزام الرجل فالله الذى أمر بالصلاة والصوم هو الذى أمر المرأة بالامتناع عنهما فى هذه الفترة.